Sunday, June 4, 2017

رسالة موجهة إلى الإنسان .... د. سُمية عيد الزعبوط

رسالة موجهة إلى الإنسان
د. سُمية عيد الزعبوط
عن كتاب ضع بصمتك لفضيلة الشيخ  محمد بن عبد الرحمن العريفي بتصرف

يُبتلى الإنسان بأنواعٍ مختلفة من البلاء سواء أكان البلاء في الأرجل أم في الأيدي أم في البصر أم في السمع ، وما شابه ذلك؛ الأمر الذي يجعل من هذا الإنسان قليل الحيلة ، ضعيف الهمة، يُعد نفسه عالة على الأهل والأصدقاء.
واستناداً على ذلك يرى العريفي أن التاريخ يزخر بالأمثلة في أساليب التعامل مع المعاقين فمثلاً : كان الرومان يستعملون الذين عندهم نوع من التخلف للتسلية عند الأغنياء، ويرون الإغريق أنهم غير صالحين للحياة وربما قتلوهم ، وفي العصور المسيحية كان بعضهم يرى أن المعاقين أبناء الله، وفي العصور الوسطى تُرِكَ المعاقين في الشوارع، وفي عهد الوليد بن عبد الملك تم إنشاء أول معهد لرعاية المعاقين ذهنياً، وفي عهد الوليد أيضاً تم تأسيس مرستاناً (مشفىً خاصاً) يعتني بالأخوة المعاقين في بغداد؛ الأمر الذي يُشير إلى اختلاف أساليب التعامل مع المعاق.
من هنا أتفق مع الشيخ العريفي إذ يُوجه رسالته إلى المجتمع، من منطلق أن الإعاقة الأساسية آتية من قبل المجتمع؛ لأن المجتمع هو من يضع الحواجز سواء أكان ذلك  بإقصائهم أم بتهميشهم أم بمعاملتهم كأشخاص غير عاديين،  مع أنهم يمتلكون أفكاراً وطموحات ، ولديهم دافعية للتعلم والزواج ، والصلاة، والقيام بسائر العبادات.
من أجل ذلك ، ينبغي على المجتمع أن يُزيل هذه الحواجز النفسية والفكرية، فالمشكلة موجودة في المجتمع التي ينبغي تغييرها، لننتقل من نظرة الشفقة والإحسان إلى نظرة تقول أنا مثلي مثلك نتشابه في أشياء ونختلف في أشياء أخرى ، أنا وأنت نكمل بعضنا بعضاً .
وتأكيداً على ذلك فعالمنا العربي يزخرُ بالأمثلة المضيئة في حياة البشرية منها: الشيخ أحمد ياسين، فقد كان مقعداً، والشيخ عبد العزيز بن باز ، فقد كان ضريراً، وكذلك الشيخ عبد الحميد كشك، والأديب طه حسين ، وغيرهم ، إن هذه الأمثلة وغيرها ينبغي أن تكون حافزاً لكل من لديه إعاقة كي يتشجع ويعمل على أن تكون له بصمة واضحة مضيئة في مجتمعه، فعليه أن يُنمي مقدرته كي يستطيع أن يكون بصمة ، لا أن يكون حالة .
ويأتي دور أصحاب المال، وأصحاب المؤسسات التعليمية والتدريبية ، وأصحاب النفوذ ، وما شابه ذلك ، ليكون لهم دور ويفتحوا مجالات لأمثال هؤلاء ليتعلموا ويتدربوا ومن ثم يعملوا وينخرطوا في المجتمع شأنهم شأن غيرهم من أفراد المجتمع. 

  

No comments:

Post a Comment