Tuesday, June 20, 2017

كلمات في القمة حول مراد الحق من ألفاظ القرآن الكريم (18) ... د. سُمية عيد الزعبوط

كلمات في القمة حول مراد الحق من ألفاظ القرآن الكريم (18)
د. سُمية عيد الزعبوط


إذا نظرنا إلى ألفاظ القرآن الكريم ، نجد أن الله سبحانه وتعالى تارة يأتي بضمير الجمع (نا)  ،  والنون هنا تُسمى نون الكبرياء ونون العظمة، وتارة أخرى يأتي بضمير المفرد ( أنا)،
وحين يأتي الله تعالى بنون الكبرياء والعظمة ، فذلك لأن كل فعل من الأفعال يحتاج لصفات متعددة حتى يتم ذلك الفعل، فإذا أراد المرء أن يفعل شيئاً ما، فإن ذلك يقتضي منه مقدرة ، ويقتضي منه حكمة، ويقتضي منه معرفة ، ويقتضي منه دافعية ، بمعنى يتطلب منه صفات كثرة يقتضيها الفعل ،الأمر الذي يدعو إلى الإتيان بضمير الجمع ونون العظمة والكبرياء.
وحين يتكلم الحق سبحانه وتعالى عن شهادة التوحيد والتفرد فإنه يقول: " إنني أنا الله" ، ما يُشير إلى أن الله يريد توحيداً فيأتي بضمير الإفراد (أنا)، وحين يتكلم الحق سبحانه وتعالى عن الحدث والفعل ، فيأتي هنا بضمير الكبرياء والعظمة ، حيث قال تعالى  { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } الآية رقم 37 من سورة الذاريات.
وعندما أراد الله سبحانه وتعالى أن يمتدح إبراهيم عليه السلام قال: " إن إبراهيم كان أمة" وأمة هنا تعني جامعاً لصفات الخير التي لا تجتمع في فرد واحد ولكنها تجتمع في أمة، فهذا متميز بصفة الصدق ، وذاك بالشجاعة، وآخر متميز بالحلم، من هنا فقد أراد الحق سبحانه وتعالى أن يقول إن إبراهيم كان جامعاً لصفات الخير .
وقد أطلق الله عز وجل على الزوجة مسمى السكن ، حين قال تعالى : { وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } الآية رقم 21 من سورة الروم ، من باب أن السكن يحتاج للهدوء والاطمئنان، ولأن الهدوء والرحمة والبركة والاطمئنان يتوافر كل ذلك في الزوجة الصالحة ، الأمر الذي يقتضي إطلاق مسمى السكن على الزوجة الصالحة.
ويقول تعالى أيضاً { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } الآية رقم 103 من سورة التوبة، وهنا يتبين أن في الصلاة راحة واطمئنان ورحمة ، وفي قوله تعالى {...اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ... } الآية رقم  35 من سورة البقرة، وهنا من الممكن القول اسكن وزوجك ؛ لأن الفاعل في فعل الأمر مستتر دائماً، إلاّ أن الله سبحانه وتعالى أراد القول: اسكن أنت وزوجك ... إياك أن تظن أنك أنت هو فاعل الفعل اسكن، فجيء بالضمير ( أنت) ليفصل بين اسكن وبين زوجك كي لا يُعطف الاسم على الفعل ، كذلك جاءت كلمة زوجك بدون تاء التأنيث، ولعل السبب في ذلك أن أمر التكليف حين يصدر من الله عز وعلا يكون للذكر والأنثى على السواء.

والله أعلم بمراده

No comments:

Post a Comment