Friday, June 9, 2017

كلمات في القمة حول بدء تدوين القرآن الكريم (8) .... د. سُمية عيد الزعبوط

كلمات في القمة حول بدء تدوين القرآن الكريم (8)
د. سُمية عيد الزعبوط

عن المجلد الأول من  تفسير الشعراوي قال: حين بدأ تدوين القرآن الكريم كتابةً، كان لا يُكتب منه آية إلاّ إذا كانت مكتوبة على جذوع النخل أو الجلود، أو أية وسيلة أخرى من وسائل الكتابة في عصر نزول القرآن الكريم، وزيادة على ذلك، كان لا بدَّ أن يكون هناك اثنان على الأقل من الصحابة الحافظين لها.
إذ تم تدوين القرآن الكريم بهذه الطريقة ، فكانت هناك آية واحدة لم توجد مكتوبة بين يديْ رسول الله صل الله عليه وسلم ، إلاّ عند صحابي واحد فقط كان حافظاً لها ، والقياس يقتضي ألاّ تُكتب أية إلا إذا وجد اثنان على الأقل من الصحابة الحافظين لها، والآية هذه هي: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } الآية رقم 23 من سورة الأحزاب.
وعندئذ ثار الجدل حول تدوين هذه الآية، إذ لم يوجد من يحفظها إلا صحابي واحد فقط هو " خزيمة بن ثابت"، عندها قال زيد بن ثابت: لما نسخنا المصحف، فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله صل الله عليه وسلم يقرؤها لم أجدها مع أحد إلاّ  مع خزيمة بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه الذي جعل رسول الله صل الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجليْن.
ولحديث رسول الله صل الله عليه وسلم في جعل شهادة خزيمة بن ثابت وحده بشهادة رجليْن قصة هي: أن رسول الله صل الله عليه وسلم ابتاع فرساً من أعرابي، فاستتبعه النبي صل الله عليه وسلم، ليقضيه ثمن فرسه، فأسرع رسول الله صل الله عليه وسلم المشي، وأبطأ الأعرابي، فاعترض بعض الرجال الأعرابي ليساوموه في الفرس دون أن يعرفوا أن النبي صل الله عليه وسلم قد ابتاعه، فنادى الأعرابي رسول الله صل الله عليه وسلم ليقول له : هل تريد شراء الفرس أو أبيعه؟
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: أو ليس ابتعه منك؟ ، فقال الأعرابي: ما بعته لك، فقال النبي صل الله عليه وسلم: بل قد ابتعته منك، فقال الأعرابي: هلمّ شهيداً، بمعنى ائتني بشاهد يشهد على المبايعة، فقال خزيمة بن ثابت : أنا أشهد أنك بعته لرسول الله صل الله عليه وسلم.
وبعد أن انصرف الناس، أقبل النبي صل الله عليه وسلم، على خزيمة بن ثابت فقال: كيف شهدت ولم تكن موجوداً وقت المبايعة بيني وبين الأعرابي، فقال خزيمة: بتصديقك يا رسول الله، بمعنى: " هل نصدقك في كل ما تأتينا به من خبر السماء، ونكذبك في هذه ؟ " فجعل رسول الله صل الله عليه وسلم شهادة خزيمة بن ثابت بشهادة رجليْن.
فأخذت شهادة خزيمة بن ثابت بشهادة رجليْن وتم تدوين الآية{ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } ، وكان خزيمة  يُدعى " ذو الشهادتيْن؛ لأن رسول الله  صل الله عليه وسلم أجاز شهادته بشهادتيْن.
والله أعلم


No comments:

Post a Comment