Tuesday, June 6, 2017

القول في آيات من سورة البقرة (5) .... د. سُمية عيد الزعبوط

القول في آيات من سورة البقرة (5)
د. سُمية عيد الزعبوط

إن سورة البقرة مدنية لا خلاف في ذلك، فقد أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا عبد الله بن حامد ، عن أحمد بن محمد بن يوسف، عن يعقوب بن سفيان الصغير، عن يعقوب بن سفيان الكبير، عن هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم قال: حدثنا شعيب بن زريق، عن عطاء الخراساني ، عن عكرمة قال : أول سورة أُنزلت بالمدينة هي سورة البقرة .
وعن قوله تعالى { الم ، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ، وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ  } ( الآيات من 1 – 4 من سورة البقرة)، أخبرنا أبو عثمان الزعفراني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن الليث قال: أخبرنا أبو حذيفة، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال: أربع آيات من أول البقرة نزلت في المؤمنين، وآيتان بعدها نزلت في الكافرين، وثلاث عشرة بعدها نزلت في المنافقين.
وقول الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ، خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }، ( الآيتان  6 و7 من سورة البقرة) ، قال الضحاك نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته، وقوله تعالى: { وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ }، ( الآية رقم 14 من سورة البقرة )، قال الكلبي ، عن أبي صالح، عن بن عباس : نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي وأصحابه، وذلك أنهم خرجوا ذات يومٍ، فاستقبلهم نفرٌ من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم، فقال عبد الله بن أبي: أنظروا كيف أردّ هؤلاء السفهاء عنكم، فذهب فأخذ بيد أبي بكر فقال: مرحباً بالصديق سيد بني تيم، وشيخ الإسلام وثاني رسول الله في الغار، الباذل نفسه وماله لرسول الله، ثم أخذ بيد عمر فقال: مرحباً بسيد بني عدي بن كعب، الفاروق القوي في دين الله، الباذل نفسه وماله لرسول الله، ثم أخذ بيد علي فقال: مرحباً بابن عم رسول الله وختنه، سيد بني هاشم ما خلا رسول الله، ثم افترقوا فقال عبد الله لأصحابه: كيف رأيتموني فعلت؟ فإذا رأيتموهم فافعلوا ما رأيتموني فعلت، فاثنوا عليهم خيراً ، فرجع المسلمون إلى رسول الله صل الله عليه وسلم، وأخبروه بذلك ، فأنزل الله : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ، الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }، ( الآيات من 21 – 24 من سورة البقرة)

وقد أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد عن أبي علي بن أحمد الفقيه، عن أبو ذر القهستاني عن عبد الرحمن بن بش، عن روْح ، عن شعبة ، عن سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن إبراهيم، عن علقمة قال: كل شيء نزل فيه { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ....  } فهو مكي، وكل شيء نزل فيه { يا أيها الذين آمنوا  }، فهو مدني، بمعنى أن { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ....   } خطاب أهل مكة، و  { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ......} خطاب أهل المدينة، فقل الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ .......} خطاب لمشركي مكة إلى قوله تعالى {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } (الآية رقم 25 من سورة البقرة )، فهذه الآية نزلت في المؤمنين. والله أعلم

No comments:

Post a Comment