Saturday, June 10, 2017

كلمات في القمة حول القرآن الكريم (9) .... د. سُمية عيد الزعبوط

كلمات في القمة حول القرآن الكريم (9)
د. سُمية عيد الزعبوط

إن القرآن الكريم هو كلام الله أنزلهُ على رسولنا محمد صل الله عليه وسلم ليبين للناس منهج الله، إذ يتفق القرآن الكريم مع المناهج التي سبقته ويُضيف عليها ويُصحح ما حُذف منها، فالتوراة والإنجيل والزبور من عند الله إلاّ أنها تتضمن منهجاً فقط أما القرآن الكريم فيتضمن المنهج والمعجزة معاً .
إن التوراة كانت منهجَ موسى عليه السلام وكانت معجزته العصا، حدثت وانتهت لأنها معجزة حسية من رآها آمن بها، ومن من يرها فهو غير مقصود بها، فهي لا يُمكن أن تعود ، إذ حدثت لتثبيت المؤمنين الذين يتبعون الرسول أنذاك، والإنجيل منهج عيسى عليه السلام ومعجزته إبراء الأكمه والأبرص بإذن الله ، حدثت وانتهت لأنها معجزة حسية من رآها آمن بها، ومن من يرها فهو غير مقصود بها، فهي لا يُمكن أن تعود ، إذ حدثت لتثبيت المؤمنين الذين يتبعون الرسول أنذاك.
من هنا فالمناهج التي أرسلها الله على الرسل السابقين أنزلها على نية تغييرها، ولكن القرآن الكريم نزل على نية الثبات إلى يوم الدين ، فالرسل السابقون لرسول الله صل الله عليه وسلم كان لكل منهم منهج ومعجزة، وكليهما منفصل عن الآخر.
وإذا أُمعن النظر إلى كونيات الحياة التي أُتيحت للعقل البشري في القرن العشرين، نجد أن القرآن الكريم يُشير إليها منذ زمن ، لأن العمر في الرسالة القرآنية إلى قيام الساعة، وما دام كذلك فإن القرآن يظل معجزة حتى قيام الساعة ، وهنا يقول الله تعالى: { سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } الآية رقم (53) من سورة فصلت
ومن هذه الآية يُمكن أن نعرف أن القرآن له عطاءان في الإعجاز، إذ يتمثل العطاء الأول في الآيات الكونية وهي (آيات في الآفاق)، ويتمثل العطاء الثاني في أسرار الجسد البشري وهي (وفي أنفسهم)، وقوله تعالى في نفس الآية {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ } وتعني أن القرآن هو الحق، وهنا يُمكن القول أن آيات الكون ستأتي موافقة لآيات القرآن الكريم، وأن الله سبحانه وتعالى وضع في القرآن الكريم من آيات الكون وأسراره وعن الجسد البشري وتكوينه آيات يُمكن أن يُعطيها المؤمنين وغير المؤمنين.
وتأكيداً على ذلك فقد أعطى الله تعالى من آيات الكون المؤمنين، فبرع المسلمون الأوائل في العلوم، ومن الأمثلة على ذلك: جابر بن حيان الذي وضع أساس علم الكيمياء، وابن سينا الذي وضع أساس علم الطب والفلك والرياضيات ، وابن النفيس الذي اكتشف الدورة الدموية ووصفها وصفاً دقيقاً، وابن الهيثم الذي أبدع في الطبيعيات والطب والرياضيات وكان أول من شرح تركيب العين وكيفية عملها، وأبو القاسم الذي أبدع في العمليات الجراحية.

وكذلك أعطى الله سبحانه وتعالى من آيات الكون غير المؤمنين، وهذا ما نشهده من نهضة علمية وتكنولوجيه  وصناعية من دول الغرب، وهذا ما يُفسر قوله تعالى {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ } بمعنى سنجعل المنكرين للقرآن الكريم يعترفون أنه الحق، فالمنكر للقرآن يكشف الله له آية في أمر معجز، يُبين له أن هذا القرآن حق، وقد حدث في أكثر من مؤتمر من مؤتمرات الإعجاز العلمي للقرآن الكريم أن أعلن عدد من العلماء اعتناقهم للدين الإسلامي منهم أحمد ديدات وغيره.

No comments:

Post a Comment