Thursday, May 24, 2018

إطلالة على شهر رمضان … (8) هدي رسول الله صلّ الله عليه وسلم في فطر المسافر ... إعداد د. سُمية عيد الزعبوط


إطلالة على شهر رمضان … (8) هدي رسول الله صلّ الله عليه وسلم في فطر المسافر
إعداد د. سُمية عيد الزعبوط
جمعية الأصول لرعاية اليتيم
لقد سافر رسول الله صلّ الله عليه وسلم في رمضان فصام وأفطر وخيّر الصحابة بين أمريْن، إذ كان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم ليتقووا على قتاله.
وهنا يُمكن التساؤل ، لو اتفق مثل هذا الأمر في الحضر وكان في الفطر قوة على لقاء العدو فهل لهم الفطر؟ يقول ابن تيمية لهم ذلك، إذ أن الفطر لذلك أولى من الفطر لمجرد السفر، بل إباحة الفطر للمسافر تنبيه على إباحته، ومشقة الجهاد أعظم من مشقة السفر، ولأن المصلحة الناجمة بالفطر للمجاهد أعظم من المصلحة بفطر المسافر، إذ قال تعالى في ذلك : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة " صدق الله العظيم، والفطر عند اللقاء من أعظم أسباب القوة.
وفي ذلك روى عيسى بن يونس عن شعبة عن عمرو بن دينار قال : سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: : قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم لأصحابه يوم فتح مكة: " إنه يوم قتال فافطروا ... وتبعه سعيد بن الربيع عن شعبة فعلل بالقتال ورتب عليه الأمر بالفطر، ويُمكن أن يُفهم من هذا اللفظ أن الفطر لأجل القتال، وأما إذا تجرد السفر عن الجهاد، فكان رسول الله صل الله عليه وسلم يقول في الفطر : هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه.
ومن هدي رسول الله صلّ الله عليه وسلم في الفطر أيضاً، أنه لم يُقدر المسافة التي يفطر فيها الصائم، ولا صحّ عنه في ذلك شيء ، وقال عبيد بن جبر : ركبت مع أبي بسرة الغفاري من الفسطاط إلى الاسكندرية في سفينة، فلما دنونا من مرساها أمر بسفرته فقربت، فدعانا إلى الغداء ، وذلك في رمضان، فقلت : يا أبا بسرة والله ما تغيبت عنا منازلنا بعد، قال أترغب عن سنة رسول الله صلّ الله عليه وسلم؟ فقلت لا، قال: فكل، قال: فلم نزل مفطرين حتى بلغنا.
وقال محمد بن كعب: أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر وقد رحلت راحلته وقد لبس ثياب السفر، فدعا بطعام فأكل، فقلت له: سنة؟ قال سنة، ثم ركب، قال الترمذي : حديث حسن. وقيل إن هذه الآثار حول من يريد السفر في رمضان الفطر فيه هي آثار صحيحة.
والله أعلم بمراده
أنظر زاد المعاد في هدي خير العباد، الجزء الأول ، للإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، المجلد 1-2 ، بيروت : دار الكتب العلمية، ص 223.

No comments:

Post a Comment