Saturday, May 27, 2017

القول في أول ما نزل من القرآن....... د. سُمية عيد الزعبوط

القول في أول ما نزل من القرآن
د. سُمية عيد الزعبوط
أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم المقري قال: أخبرنا عبد الله بن حامد الأصفهاني ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ، قال: حدثني محمد بن يحيى قال حدثنا عبد الرازق عن عمر عن بن شهاب الزهري قال: أخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: أول ما بدئ  به رسول الله صل الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبّب إليه الخلاء، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه (يتعبد فيه) الليالي ذوات العدد، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة رضي الله عنها فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك عليه السلام فقال: اقرأ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم فقلت : ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال اقرأ ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال اقرأ ، فقلت ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ... حتى بلغ ما لَمْ يَعْلَمْ }، فرجع بها يرجف فؤاده، حتى دخل على خديجة رضي الله عنها، فقال: زملوني  زملوني، فزملوه حتى ذهب منه الروع، فقال: يا خديجة ما لي... وأخبرها الخبر، وقال : وقد خشيت عليّ، فقالت له: : كلاّ ، أبشر، فو الله لا يُخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتُقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق ( رواه البخاري عن يحيى بن بكير ، ورواه مسلم عن محمد بن رافع).
وأخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر قال: أخبرنا محمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل عن ابن شهاب قال: أخبرني محمد بن عباد ابن جعفر المخزومي: أنه سمع بعض علمائهم يقول: كان أول ما أنزل الله على رسوله صل الله عليه وسلم: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) }، قالوا : هذا صدرها أنزل على رسول الله صل الله عليه وسلم يوم حراء ثم أنزل آخرها بعد ذلك بما شاء الله.
فأما الحديث الصحيح الذي روي أن أول ما نزل سورة المدثر، فهو ما أخبرنا إياه الأستاذ أبو إسحاق الثعالبي قال: حدثنا عبد الله بن حامد قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال : حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد البينسي عن عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن: أي القرآن أنزل قبل ؟ قال : يأيها المدثر ، قال: قلت: أو اقرأ باسم ربك الذي خلق.
قال جابر : أحدثكم ما حدثنا به رسول الله صل الله عليه وسلم، قال رسول الله صل الله عليه وسلم: " إني جاورت بحراء شهراً، فلما قضيت جواري، نزلت، فاستنبطت بطن الوادي، فنوديت، فنظرت أمامي وخلفي، وعن يميني وعن شمالي، ثم نظرت إلى السماء ، فإذا هو على الفرش في الهواء ، - يعني جبريل عليه السلام – فأخذتني رجفة، فأتيت خديجة ، فأمرتهم ، فدثروني، ثم صبوا عليَ الماء، فأنزل الله عليّ: { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) }، ( رواه مسلم عن زهير بن حرب، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي)
وهذا ليس بمخالف لما سبق، وذلك أن جابرَ سمع من النبي صل الله عليه وسلم القصة الأخيرة ولم يسمع أولها، فتوهم أن سورة المدثر أول ما نزل، لكنها هي أول ما نزل على رسول الله صل الله عليه وسلم بعد سورة اقرأ ( العلق).
والذي يدل على ذلك، ما أخبرنا به أبو عبد الرحمن بن حامد قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا عن محمد بن عبد الرحمن الدغولي عن محمد بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر قال: سمعت النبي وهو يحدث عن فترة الوحي، قال في حديثه: " فبينما أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء ، فرفعت رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء،  جالساً على كرسي بين السماء والأرض، فجُثِئْتُ منه رعباً ، فرجعت فقلت زملوني زملوني ، فدثروني، فأنزل الله: " يا أيها المدثر" ( رواه البخاري عن عبد الله بن محمد، ورواه مسلم عن محمد بن رافع).
وبهذا الحديث،  تبين أن الوحي كان قد فتر بعد نزول اقرأ باسم ربك، ومن ثم نزلت  يا أيها المدثر.




No comments:

Post a Comment